كلمة العدد
الباحث في موضوع التراث الشعبي في وطننا العربي، يُواجه مشكلاتٍ عديدة تقف عائقا أمام توثيق التراث بشكل علمي موضوعي ونشره على أوسع نطاق، فتبقى المأثورات الشعبية التي تم جمعها مادةً أرشيفيةً حبيسةَ غرفٍ مغلقة غير متاحة لعامة الناس، فلا يمكنهم الاستفادة منها في فهم ذاتهم وثقافتهم واستيعاب الآخر واحترام ثقافته في إطارٍ من التنوع الغني في ظل الوحدة الجامعة، ولا يستطيعون استلهام ممارسات آبائهم وأجدادهم الإيجابية في إيجاد حلول مبتكرة وأصيلة لمشكلاتهم المعاصرة. وهذه هي الغاية الأسمى من عملية البحث في التراث.
العائق المادي يقف على رأس المشكلات التي يعاني منها البحث العلمي الموضوعي التوثيقي التحليلي للتراث. يُضاف إليه تبعثر الجهود وعدم البناء على ما تم إنجازه، وغياب العمل المؤسسي، واقتصاره على جهود فردية مُهدَّدة بالضياع.
مجلة الحنونة في عامها الأول، ومن خلال عملها الميداني، سعت إلى إبراز هذه الجهود الفردية التي تحرس مكونات التراث الشعبي المادي والمعنوي، من لباس شعبي، وحرف تقليدية، ومأثورات شعبية، وعادات وتقاليد وغيرها، بهدف التعريف بها وحمايتها والمساهمة في إيجاد آليات لتجميع هذه الجهود المباركة في عمل مؤسسي منظم. ولذا، بدأت جمعية الحنونة للثقافة الشعبية باتخاذ الخطوة الأولى لتنفيذه على أرض الواقع بتأسيس مركز متخصص في جمع وتوثيق ودراسة ونشر التراث الشعبي.
العالم العربي أحمد زويل في توصيفه لمشكلة البحث العلمي في الوطن العربي، يقول: “نحن بحاجة إلى مراكز مضيئة في كل فرع من فروع المعرفة تكون رافعةً للنهوض بأمتنا”.